حوار مع موقع 24 الإماراتي

تعد تجربة سليمان الروائية، وفق أكثر المراقبين والمهتمين بالشأن الثقافي، تجربة عميقة وجادة، ويبرز فيها التجريب والمثابرة وتجديد السرد وطرح القضايا، حيث يمزج بين التخيّل والتاريخ والسيرة والفلسفة والواقع، متمكناً من فتح أفق فريد يجمع بين أنواع سردية عدّة. من أعماله الأدبيةأما عن تجربته النقدية، فهي تأسيسية، رصد من خلالها الحركة الأدبية خاصة الرواية، محلياً وعربياً، وقد وصف (سليمان) تجربته النقدية بقوله: (ما كتبتُ حرفاً في النقد إلا لأفيد منه في كتابة الرواية، محاولاً في كل كتاب، أن أرى ماذا تُقدم روايات الآخرين، الكبار منهم والشباب خصوصاً، فأنا تلميذ دائم أتعلم ممن سبقوني، وممن جاؤوا معي وبعدي)، إلى جانب استضافته في أغلب الملتقيات الأدبية والثقافية، على مستوى الوطن العربي، نظراً لما يتمتع به من تجربة استثنائية، توصف بأنها الأكثر غزارة وإبداعاً. وتعتبر (جائزة العويس الثقافية)، التي تنظمها مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بدبي، من أبرز التكريمات الأدبية على مستوى الوطن العربي، التي تتوج مسيرة الأدباء العرب. وفي دورتها السابعة عشرة (2020 - 2021م) منحت للأديب نبيل سليمان، ليضاف اسمه إلى قائمة تطول من الأدباء والمفكرين العرب، الذين منحوا هذه الجائزة، فئة القصة والرواية والمسرحية، على مدار تاريخها، حيث منحت في أولى دوراتها إلى الأدباء: حنا مينه، وسعدالله ونوس، ومن ثم الدكتور عبدالرحمن منيف، وصنع الله إبراهيم، وإدوارد الخراط، وغيرهم الكثير من أعلام الأدب والسرد العربي المعاصر. ولد نبيل سليمان بمدينة (صافيتا) بريف محافظة طرطوس السورية، حيث الطبيعة الساحرة والآثار التاريخية العريقة، وتلقى تعليمه في اللاذقية، وقد حصل سليمان على إجازة في اللغة العربية عام (1967م) من كلية الآداب في جامعة دمشق، ومن ثم عمل في بداية حياته مدرساً، وقبل أن يستقيل من التدريس، أسس مكتبة (آفاق) (1979م)، ومن بعدها أسس (دار الحوار للنشر والتوزيع)، (1982م)، وقد تفرغ للكتابة ما بين عامي (1990-1989م). بدأ سليمان مسيرته الروائية في العام (1970م) برواية (ينداح الطوفان) وهو في سن الخامسة والعشرين، ومن ثم انطلق سليمان بإبداعه وكتابته، ليرفد المكتبة العربية بعدة روايات ودراسات، نذكر منها على سبيل المثال في مجال الرواية: السجن، قيس يبكي، مجاز العشق، دلعون، مدارات الشرق في (4) أجزاء، وتاريخ العيون المطفأة. وقد ترجمت بعض رواياته، إلى اللغات: الإنجليزية، والروسية والإسبانية، والفارسية، والدانماركية. من أعماله الأدبيةكما أسهم سليمان بعدة كتب ودراسات في مجال النقد الأدبي نذكر منها: الأدب والأديولوجيا في سوريا (بالاشتراك مع بوعلي ياسين)، ومساهمة في نقد النقد الأدبي، وفتنة السرد والنقد، وحوارية الواقع والخطاب الروائي، وشهرزاد المعاصرة: دراسات في الرواية العربية، والمخاتلة السردية، وغيرها من المؤلفات النقدية. وفي المجال الثقافي والشأن العام، قدم (سليمان) عدة إصدارات منها: في التباب ونقضه، وأقواس في الحياة الثقافية، والثقافة بين السلام والظلام، وغيرها. توجت مسيرة (سليمان) الأدبية بعدة تكريمات منها: جائزة غالب هلسا للإبداع الثقافي - عمان، الأردن (1994م). وجائزة باشراحيل للإبداع الثقافي- القاهرة (2003م). وكرم في معرض الكتاب الدولي تونس، (2019م). كما حملت رواية مدارات الشرق (أربعة أجزاء: الأشرعة - بنات نعش - التيجان - الشقائق) الرقم (20) في قائمة أفضل مئة رواية عربية. كما كتب عن تجربة سليمان الروائية، عدة كتب ودراسات، صاغتها أقلام عربية مهمة، وقد قدمت عدة أطروحات جامعية حول أعماله. يكتب (سليمان) في عدة دوريات ومجلات وصحف عربية، مقالات ثابتة، يثري من خلالها المشهد الثقافي العربي بالكثير من الوقفات والإضاءات الأدبية والثقافية. بنى نبيل سليمان في بداية الثمانينيات منزلاً في قرية (البودي) التي تقع على بُعد عشرين كيلومتراً من مدينة (جبلة) وترتفع (600) متر عن سطح البحر مطلةً على الساحل السوري وقد نقل مكتبته إلى هناك، وحول ذلك يقول: (أعيش فيها عزلتي منذ عام (1987م)، وأحلم بأن أكون متفرغاً للقراءة والكتابة، ولا يعرف لذة القراءة والكتابة إلا المتفرغ).